قرّر وزير الاقتصاد راوول نعمه رفع الدعم عن السلع المتعلقة بالإنتاج الحيواني والزراعي، لأن السلبيات الماثلة أمامه أكبر من الإيجابيات، التي لا يبدو أنها موجودة، فقبل الدعم مثلاً كان سعر كرتونة البيض 15 ألف ليرة، وبعد الدعم أصبح سعرها 19 ألف ليرة، وهذا الأمر الخارج عن المنطق والعقل، يفترض بحسب الوزير نعمة وقف الدعم.
اختار وزير الإقتصاد الخيار الأسهل له، وهو رفع الدعم، دون البحث عن تداعيات هذا الخيار، ودون تكبّد مشقّة تطبيقه بطريقة سليمة تضمن انخفاض الأسعار، واستفادة المواطن منه، ولكن هذا الخيار لم يلق ترحيبا من اللبنانيين، فنقابة مزارعي القمح والحبوب استغربت قرار وقف دعم السلع المتعلقة بالإنتاج الحيواني والزراعي، معتبرة انه قرار تعسفي وظالم ولا ينسجم مع الواقع الكارثي الذي يرزح تحته المزارعون ومنتجو القطاع الحيواني وهو ومخالف لقرار الدعم المركزي الذي تضمن دعم هذه السلع.
واستنكر القرار كلّ من اتحاد النقابات الزراعية في لبنان، نقابة مربي الأبقار الحلوب، النقابة اللبنانية للدواجن، تجمع المزارعين والفلاحين في البقاع، وتجمّع المزارعين في الجنوب، وكل هؤلاء اعتبروا أن القرار سينعكس بشكل كارثيّ على الأسعار، التي سترتفع بشكل جنوبي.
هناك من يحمّل وزير الإقتصاد مسؤولية فشل الدعم، وهناك من يحمّل وزارة الزراعة هذه المسؤولية، ولو بشكل غير مباشر، وفي هذا السياق ترى مصادر مسؤولة في وزارة الزراعة، أن تحميلها المسؤولية ظالم، مشيرة عبر “أحوال” الى أن الوزير نعمة حاول منذ اللحظات الاولى الاستئثار بملف الدعم وحيدا لأسباب نجهلها، كاشفة أن نعمة أعد منفردا، دون علم وزارة الزراعة، ملفّات خاصة لدعم العلف، ولكن لم يدخل الى لبنان منها شيئا.
وتضيف المصادر: “نظّمت وزارة الزراعة كيفية تقديم طلبات الحصول على الدعم بعد صراع مرير مع وزارة الإقتصاد التي كانت ترغب بأن تُقدّم الطلبات لديها، ولكن بعد إصرار وزارة الزراعة على صلاحياتها، أصبحت الطلبات تُقدم “بالزراعة” وتقوم وزارة الإقتصاد بالمراقبة والتأكد من “نظافة” عملية الدعم، وهذا الأمر لم تقم به وزارة الإقتصاد، بحيث كان أداء مصلحة حماية المستهلك سيئا للغاية، ولا صلاحية قانونية لوزارة الزراعة للمراقبة ولا قدرة لوجستية لها على ذلك”.
إن غياب المراقبة ومن بعدها المحاسبة يعني فشل أي مشروع، خاصة في لبنان، حيث يميل الجميع الى “الأرباح السهلة” رغم أوجاع الناس والاقتصاد، لذلك في كثير من الاحيان ذهب الدعم الى غير مستحقيه، وهذا الأمر لا ينطبق فقط على السلع الزراعية والحيوانية، بل على كل أنواع السلع.
وتسأل مصادر وزارة الزراعة: “وزير الاقتصاد قال بقراره رقم 87/1/أ ت حول تنظيم عملية دعم السلة الاستهلاكية الموسّعة أنه: “يُنشر اسم المستورد، نوع وكمية البضاعة، سعر المستهلك أو المزارع او الصناعي على الموقع الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء ووزارة الاقتصاد والتجارة”، وذلك لتمكين المواطن من معرفة تفاصيل الدعم والأسعار ومراقبة وصول الدعم إليه، فلماذا لم يلتزم بهذا القرار الذي كتبه هو، ولماذا الاكتفاء بنشر لائحة بأسماء بعض السلع المدعومة، التي وللعلم لم يجد المواطن سوى القليل من السوبرماركات؟
قد يكون من الظلم تحميل وزير الإقتصاد وحده مسؤولية فشل آلية الدعم، لأن الوزارة التي تستنجد بالمتطوّعين للقيام بعمليّات المراقبة، لا تتحمّل المسؤولية وحيدة، والفشل هنا يسري على كل الدولة اللبنانية التي تهتم بسمسرة التوظيف في الأمكنة غير المناسبة، وتوزيع عقود العمل بـ”الدولار” على المحظيين، وتُترك الوزارات شبه خالية من الموظفين الضروريين لها للقيام بعملها، ففي مصلحة حماية المستهلك يعمل عدد محدود من الموظفين قد يتمكنون من تغطية المراقبة في حي من بيروت فقط، وفي وزارة الزراعة مثلا على سبيل المثال هناك “مسّاح” واحد يُفترض به القيام بكل مهام المسح على الأراضي اللبنانية.
محمد علوش